Arab Educational Information Network

يعد مفهوم الوعي الأخلاقيMoral Awareness مفهوما مركزيا في كل الفلسفات الأخلاقية على مر العصور، باختلاف المذاهب والرؤى الفلسفية، لكن هذا المفهوم لم يأخذ الأهمية نفسها على يد علماء النفس، إلا بعد تطور دراسات علم النفس المعرفي خاصة ولاسيما بحوث علماء النفس المعرفيين أمثال "كولبرج" و"رست" في دراستهم عن النمو الأخلاقي، حيث عده رست المرحلة الأولى من مراحل السلوك الأخلاقي وهو القدرة على رؤية المعضلة الأخلاقية، بما في ذلك كيف يمكن أن تؤثر تصرفاتنا على الآخرين وينطوي الوعي الأخلاقي على إدراك العناصر ذات الصلة بالحالة وبناء تفسير استنادا إلى تلك العناصر. وكون التسامح الاجتماعي Social Tolerance هو القيمة التي تدعم العلاقات الاجتماعية وأشكال التفاعل الاجتماعي المرغوب فيها بين مختلف الجماعات، التي تعيش في المجتمع الواحد أو في أكثر من مجتمع، وهو شي محبب لأنه ينطوي على مشاعر المودة والحب، ويتجاوز الإساءة والتفاهم، ويقرب وجهات النظر، ويعني كذلك التحرر من الكراهية والحقد وقبول الآخر المختلف معنا في الرأي والفكر والأسلوب الذي يعتقد في التعامل مع الحياة وغير ذلك. من أجل هذا يعد التسامح من الموضوعات المهمة في مجال الشخصية إذ يعبر عن سمة محببة تنطوي على مشاعر الحب والمودة بين أفراد المجتمع ويديم أشكال التفاعل الاجتماعي المرغوب فيها بين مختلف الجماعات في المجتمع الواحد أو بين أكثر من مجتمع وهو ضرورة أساسية في حياة المجتمعات لما له من آثار إيجابية، وبخاصة في مجتمع مثل المجتمع العراقي، والذي يتكون من مكونات وأقليات مختلفة، ومع بروز حالة جديدة هي فئة المهجرين قسراً بفعل الهجمة الشرسة التي تعرض لها الشعب العراقي بكل أطيافه. وهدف الدراسة الحالية التعرف على مستوى الوعي الأخلاقي ومستوى التسامح الاجتماعي لدى طالبات المرحلة الإعدادية المهجرات قسرا في مدارس المديريات العامة لتربية بغداد الست. وكذلك الكشف عن العلاقة بينهما، ولتحقيق أهداف هذه الدراسة قامت الباحثة ببناء مقياس الوعي الأخلاقي لطالبات المرحلة الإعدادية المهجرات قسرا ويتكون من 30 فقرة موزعة على ثلاثة مجالات هي: (إدراك الأسباب والنتائج، والتعاطف، ومهارات أخذ الدور) وقد أجرت الباحثة لهذا المقياس تقنيناً للتأكد من صدقه وثباته وإمكانية استخدامه لتحقيق ما وضع له، ثم قامت بتطبيق الدراسة الميدانية على عينة عشوائية استطلاعية للتأكد من وضوح فقرات المقياس من مجتمع المهجرات وهن طالبات مدرستين من تربية الرصافة الثانية. كذلك قامت الباحثة ببناء مقياس التسامح الاجتماعي لطالبات المرحلة الإعدادية المهجرات قسرا، ويتكون من 30 فقرة موزع على ثلاثة مجالات، وهي: المجال (المعرفي والوجداني والسلوكي)، وقد أجريت الإجراءات السابقة نفسها عند إعداد مقياس الوعي الأخلاقي. وقد بلغ حجم العينة القصدية 300 طالبة مهجرة من مديريات تربية بغداد للعام الدراسي 2013_2014 واعتمدت الباحثة المنهج الوصفي الارتباطي في الدراسة. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة: ما يلي 1) لا تتمتع العينة بمستوى عالٍ من الوعي الأخلاقي، وان درجات أفراد العينة قد اقتربت من مستوى مقبول من الوعي الأخلاقي، يتلاءم مع الظروف والضغوط السائدة والمرحلة العمرية. 2) لا تتمتع العينة بمستوى عالٍ من التسامح الاجتماعي، وان درجات أفراد العينة قد اقتربت من مستوى مقبول من التسامح الاجتماعي، بسبب تأثير ظروف التهجير على الحالة النفسية والاجتماعية، كذلك كون المهجرات في مرحلة المراهقة، ولم تتكامل لديهن قدرات التفكير الأخلاقي. 3) وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة بين مستوى الوعي الأخلاقي والتسامح الاجتماعي. التوصيات: في ضوء نتائج البحث توصي الباحثة بالأتي: 1) تضمين المناهج الدراسية لكافة المراحل موضوعات تساهم في رفع مستوى التسامح الاجتماعي والوعي الأخلاقي. 2) توفير أنشطة ودورات توعوية من اجل تعزيز الوعي الأخلاقي والتسامح مما يقرب المسافات بين أفراد الشعب العراقي. 3) ضرورة أن تمارس المرشدة التربوية دورها المنشود في العناية بفئة المهجرات وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهن. 4) ضرورة أن تمارس وسائل الإعلام دورها في نشر القيم الأخلاقية مثل التسامح الاجتماعي والعفو والتعاون وحب الانتماء للوطن. المقترحات: استكمالاً للبحث الحالي تقترح الباحثة الآتي: 1) يوفر هذا البحث مدخلاً بحثياً يعتمد من قبل فريق بحثي لدراسة الوعي الأخلاقي مع متغيرات التوافق النفسي والاتزان الانفعالي. 2) إجراء دراسة لتنمية التسامح الاجتماعي لدى فئة المهجرات قسرا وعلى كافة المراحل الدراسية لما يمر به العراق من ظروف تستوجب الاهتمام الكبير بهذا الجانب. 3) إجراء دراسة مماثلة على عينة من طلبة الجامعة من المهجرين قسراً. 4) إجراء دراسة لتنمية الوعي الأخلاقي لدى طالبات المرحلة المتوسطة والإعدادية وبالخصوص المهجرات قسرا. (ملخص المؤلف)