أهمية الوعي الفونو مورفولوجي في تعزيز مسارات تعلم القراءة وتعليمها
لا مراء أن بوعناني مصطفى من الباحثين اللسانيين الكبار الذين حاولوا الوقوف على أهمية الوعيين الفونولوجي والمورفولوجي كمنطلق أساس في تعزيز استراتيجيات تعلم القراءة وتعليمها معتمدين في ذلك على مقاربات معرفية ولسانية، وعصبية، وسيكولوجية حديثة. ومن هذا المنطلق جاءت هذه الورقة البحثية للحديث عن مهارة القراءة التي يعتبرها بوعناني نشاطا محوريا في مسلك تعلم الطفل وتطوير مداركه في كل مجالاته التعليمية، فهي ليست مجرد فعل آلي، بل هي عملية تتطلب تفاعلا معقدا بين الإدراك والمعرفة اللغوية. وعليه، فإن هذا النشاط لا يستقيم إلا بوعي المتعلم وقدرته على إدراك مخارج الأصوات وكيفية نطقها، ووعيه بالبنيات الصرفية، وكيفية التعامل معها، وذلك راجع إلى تعقد البناء اللغوي بأبعاده المختلفة؛ فالقراءة عملية معقدة تمر وفق مراحل تدريجية ترتبط ارتباطا وثيقا بالآليات العصبية والذهنية. وتسليما بالعلاقة الطردية بين المدارك الفونولوجية ومهارة القراءة، نطمح في هذا المقال إلى الكشف عن إسهامات المدارك الفونولوجية والمورفولوجية في تعزيز تعلم القراءة وتعليمها، وهذا نظرا لما تكتسيه هذه المدارك من أهمية بالغة في ترسيخ ملكة القراءة وتعزيزها، إذ تعد مؤشرا دالا على التنبؤ بمهارة القراءة. ووعيا بضرورة تضافر مجموعة من العلوم والمقاربات الحديثة في تفسير تعلم عملية القراءة وتعليمها، فقد اعتمد بوعناني المقاربة المعرفية (العصبية بالخصوص)، باعتبارها المقاربة الأنجع في تحليل المسارات الذهنية التي يقتضيها فعل تعلم القراءة وتفسيرها. وقد توصلنا إلى نتائج عديدة لعل أبرزها: القراءة لبنة أساس في التعليم والتعلم وفي السلوك الإنساني ككل، إذ تشكل أحد المداخل الرئيسة في التنمية المستدامة للأفراد والمجتمعات، ووجود علاقة ترابطية بين الوعيين الفونولوجي والمورفولوجي ومهارة القراءة؛ فكلما كان الوعي مبكرا، كانت قدرة المتعلم على القراءة مرتفعة بشكل كبير. ومن المؤكد أن أي ضعف في هذين الوعيين سيؤدي إلى تعثر في مسارات امتلاك فعلي القراءة والكتابة. لذا فإن اعتماد مقاربات تعليمية حديثة تستند إلى تفاعل لساني معرفي يمكن أن يسهم في تطوير تعليمية القراءة، وفي تحقيق تعلم فعال وبتكلفة معرفية أقل. (الملخص المنشور)