إسهامات النساء في الأبحاث المتعلقة بالسلوك المعلوماتي : تجديد في المقاربات


En

شهدت الأبحاث العلمية حول السلوك والممارسات المعلوماتية، بدءًا من الربع الأخير من القرن العشرين، تغيّرات كبيرة في النظريات والمناهج المعتمدة، وكذلك في الأساليب البحثية والفئات الاجتماعية المعنية بتلك الدراسات. ويبدو أن بعض هذه التطوّرات ناجمة عن زيادة مشاركة النساء في الانتاج العلمي في هذا المجال. وقد وجّهت الباحثات اهتمامهنّ نحو الحاجات المعرفية المتعلّقة بالحياة اليومية، ولا سيّما ما يخص النساء، آخذات في الحسبان العوامل الاجتماعية والثقافية والظرفية لبناء المعرفة. واستبدلت بعض الباحثات مفهوم السلوك المعلوماتي بمفهوم الممارسات المعلوماتية ليشمل مختلف أنواع التعامل مع المعلومات، من مصادرها الشكلية وغير الشكلية وعبر سبل مختلفة لتلقّيها. فبدا أن تداول المعلومات بات أفقيا وشبكيا في كثير من الحالات، طارحا مسألة شرعية المرجعيّات العلمية ومثيرا بعض التشكيك في السلطة المعرفية للخبراء. سنعرض المنحى الجديد الذي اتخذته الباحثات في أبحاثهن المعنية بالسلوك والممارسات المعلوماتية، ونتساءل إن كانت ناجمة عن مقاربة نسوية. ثم نستعرض بعض الدراسات العربية المحكّمة في هذا الموضوع، لنرى إن كانت تحمل بعضا من سمات هذه المقاربات. نقوم في دراستنا هذه بمراجعة الأدبيات لتحديد نقاط التحوّل الرئيسية في المقاربات، ثم ننظر إليها في ضوء السمات المميّزة للمقاربات النسوية في أبحاث العلوم الاجتماعية. ونبحث أخيرا عن خصائص الدراسات العربية المنشورة باللغة الإنكليزية والمنهجيات المعتمدة فيها. ونخلص الى اعتبار أن مساهمات النساء في دراسة الممارسات المعلوماتية قد أتت بمقاربات تجديدية متلاقية أحيانا بصورة غير مباشرة مع بعض الاتجاهات في الفكر النسوي، دون أن يعلنّ عن ذلك. فبحثت الرائدات في قضايا الحياة اليومية والمشاكل التي تعانيها النساء، كما اعتبرن تجاربهن مصدر معرفة، وأعطين أهمية للعواطف والمشاعر في عملية البحث عن المعلومات وتلقّيها، واعتمدت أغلبيتهن النظرية البنائية الاجتماعية، فأكّدن أن المعرفة تُبنى من خلال تفاعلها مع حالة الفرد وعلاقاته وأفكاره وثقافته، كما رفضن كل أشكال الهرمية والاستبعاد، سواء على صعيد الموضوعات والقضايا أو الفئات الاجتماعية أو المناهج المعرفية. لكن لم نلحظ أثر لهذه المقاربات التجديدية في الأبحاث العربية في علم المعلومات، وقد يعود ذلك الى حداثة هذا العلم وأصوله المهنية والعملية، كما هيمنة الاهتمامات التكنولوجية عليه. (ملخص المؤلف)