التربية البيئية ودورها في التنمية المستدامة : دراسة ميدانية بمؤسسات التعليم المتوسط بمدينة بسكرة
تسعى هذه الدراسة لفهم وتحليل نسق التربية البيئية، استنادا إلى الوظائف التي تؤديها أجزاؤها المترابطة مع بعضها لتحقيق التنمية المستدامة، وسط مؤسسات التعليم المتوسط بمدينة بسكرة، معتمدة على ما تطرحه النظرية الوظيفية الجديدة، والاستفادة منها في الدراسة الميدانية، من خلال مقاربة مسلماتها بمؤشرات الدراسة، واختبارها ضمن فرضيات سوسيولوجية مؤكدة على مناهج بحثية. تعتمد على المنهج الوصفي، ومنهج تحليل المضمون لكتب الجغرافيا والتربية المدنية، كعينة قصدية من كتب التعليم المتوسط، ومقارنتها بالقوائم التي تم بناؤها، والتي تحمل مفاهيم التربية البيئية والتنمية المستدامة، الواجب تضمينها في كتب التعليم المتوسط، مستعينين بمقابلة مع عينة قصدية من أساتذة التعليم المتوسط بمدينة بسكرة، للوقوف على مختلف العمليات التفاعلية الصفية واللاصفية، مستخدمين قياس الاختبار المعرفي لمجالات التنمية المستدامة، لعينة منتظمة من تلاميذ السنة الرابعة من التعليم المتوسط، بعدما تم التحقق من صدقه وثباته. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة الميدانية، أن نسق التربية البيئية وما يحمله من أجزاء مختلفة، لا تعمل على تدعيم وتقوية علاقات الترابط والتماسك، والاعتماد المتبادل بين هذه الأجزاء المختلفة، بصورة متكاملة ومتوازنة من أجل التنمية المستدامة، وسط مؤسسات التعليم المتوسط، وذلك نتيجة: 1) الخلل الوظيفي الذي تؤديه التوجيهات القيمية للمعلومات المطابقة والمنظمة لتفاعلات الأعضاء، وعدم قدرة تأثيرها على سلوكهم داخل العملية التفاعلية الصفية واللاصفية، والتي تظهر في مفاهيم ثانوية لتحقيق التنمية المستدامة احتلت مراتب متقدمة، ومفاهيم أساسية احتلت مراتب متوسطة ومتدنية، ظهرت جميعها بنسب متناقضة ومتفاوتة ومنعدمة في بعض الأحيان، ضمن العديد من مستويات التعليم المتوسط لمادة التربية المدنية والجغرافيا. 2) نقص في الاستدماج الجيد لمفاهيم التربية البيئية والتنمية المستدامة، ضمن منطلقات الحاجة الأساسية للتلاميذ المعرفية، والوجدانية، والمهارية لبناء شخصية التلميذ لتحقيق التنمية المستدامة. 3) عدم وجود تكامل اجتماعي ضمن العمليات التفاعلية العلائقية، التي تحدث داخل الصف بدرجة أولى، وخارجه وسط النوادي البيئية المدرسية بدرجة ثانية. 4) أدوار التلاميذ، وما يرتبط بها من علاقات وتوقعات غير وظيفية لتحقيق التنمية المستدامة، لأنها لا تعمل على تحقيق وظيفة التكيف مع الاختبار المعرفي لمجالات التنمية المستدامة، وبالتالي مختلف مواقف التنمية المستدامة التي يتعرض لها في حياته اليومية. وباعتبار هذه المؤثرات حقيقية وواقعية، فهي تسبب الاضطراب وتخل التوازن في نسق التربية البيئية، ودوره في تحقيق التنمية المستدامة حسب ما يطرحه بارسونز، ولكنها لا تهدم أسسه، إنما تسعى إلى التغيير في اطار التوازن، وذلك بموجب تجسيد فكرة "نيكولاس لومان" أحد منظري الوظيفية الجديدة، التي تشير الى أن النسق يعمل بطريقة فعالة من خلال مراجعة الذات، حيث يكون النسق قادراعلى ملاحظة ذاته، وأن ينعكس على ذاته وعلى ما يفعله، ويستطيع أن يتخذ قرارات جريئة لهذا الانعكاس، تعمل على تكوين الذات الفاعلة للتلميذ، من خلال امتلاكه الوعي الخالص وإعطاء معنى لحياته ووجوده، وأن يبدل محيطه بدل أن يكون محتويا من قبله، ويعترف بالآخر وسط النوادي البيئية التي يتم تفعيلها كحركات اجتماعية داخل مؤسسات التعليم المتوسط، بالانفتاح على محيطها الب يئي وتنفيذ مشروعات بيئية، بالشراكة مع ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص، للتخفيف من حدة المشكلات البيئية وحماية البيئة ، وبذلك يستطيع نسق التربية البيئية ودوره في التنمية المستدامة، أن يعيد انتاج التوازن الصحيح بصورته الواقعية، ليكون توازن دينامي كما يؤكد على ذلك جفري ألكسندر، ضمن منظور الوظيفية الجديدة. (ملخص المؤلف)