شبكة المعلومات العربية التربوية

تأتي هذه الدراسة في سياق السعي نحو استقصاء مفهوم الشراكة ما بين المجتمع والجامعة ومدى ممارسة نشاطات التواصل المجتمعي في جامعات الوطن العربي. فلا شك في أن الثورات التي قادها الشباب في السنوات الأخيرة، والتي أسفرت عن موجات ارتدادية في العديد من بلدان المنطقة، قد جذبت الانتباه إلى قصور في تأمين مستوى التنمية الاقتصادية التي يطمح مواطنو هذه الدول إلى تحقيقه. وفيما لا يزال الجدل قائما حيال الأسباب الجذرية والعوامل التي أدت إلى انعدام الاستقرار في المنطقة، إلا أنه من المؤكد أنها تعبّر، وبشكل عريض، عن استياء شديد لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية التنموية والواقع المتصل بالحقوق السياسية. من هنا، يبدو من الطبيعي القول إن الصعوبات الاقتصادية وقصور أنماط التنمية في هذه البلدان متأصلة، ولو جزئياً، في فشل أنظمة تعليمها العالي في مواجهة مختلف التحديات التي يفرزها الواقع المجتمعي بمختلف مكوناته. تهدف هذه الورقة إلى إطلاق أولى الخطوات لملء الفراغ الحاصل في الأدبيات من خلال استعراض مشهدية التزام الجامعات بمبادئ خدمة المجتمع بناء على سجل موحّد من المعلومات المستقاة من ٣٦ مؤسسة تعليم عال في ١٥ بلدا عربيا (٢٥ منها هي جامعات حكومية). ويعرض القسم الأول من الورقة إطارا تحليليا يتناول فيه مفهوم "خدمة المجتمع في سياق مؤسسات التعليم العالي مرتكزا إلى "تصنيفين نموذجيين" مختلفين، لكل منهما مبادئ وخصائص محدّدة ومستقلّة. أما القسم الثاني، فيوفّر تقييما قياسيا (لهذه التصنيفات النموذجية) لالتزام الجامعات ال ٣٦ بخدمة المجتمع، بناء على سجلّها الخاص برؤيتها/بيان رسالتها ومهمتها (على مستوى أقسام الجامعة - كليّاتها/معاهدها/أقسامها) وخططها الاستراتيجية ورسائل رؤسائها/عمدائها المنشورة. إلى جانب ما سبق، يستعرض القسم الثالث تقييماً حول مدى انعكاس الخدمة الاجتماعية في السجل الخاص بنشاطات القسم وأعضاء هيئة التدريس والطلاب في الجامعة. أما القسم الرابع، فيتناول انعكاسها في سجل المناهج (البرامج والمقررات والتعهدات الهيكلية من أجل مواءمة البرامج الأكاديمية واحتياجات المجتمع)، فيما يكرّس القسم الخامس لعرض خطوط توجيهية عامة حول ما يفترض أن تكون أولويات مطلقة في الأجندات المستقبلية للأعمال البحثية ذات العلاقة بتطوير علاقات الشراكة بين الجامعة والمجتمع في الوطن العربي، ولا سيّما في ما يتعلّق بالحاجة إلى استكشاف منظومات لمخرجات تجريبية تؤهل للقيام بمقاربات علمية وتقييم موضوعي لأفضل الممارسات في هذا المجال. (شمعة)