شبكة المعلومات العربية التربوية

تعَدّ الممارسة المنهجية أحد أبرز جوانب الإنتاج المعرفي العلمي، وكاشفة عن مدى فهم واستيعاب التفكير العلمي. وعلى ما يبدو أن هذه الممارسة المنهجية على مستوى البحث الاجتماعي العربي يشوبها بعض التشوّهات، وتسودها نماذج نمطية تعكس قصورا، أو على الأقل شكلانية في الإنتاج العلمي. في ضوء ذلك، تركز هذه الدراسة على تشخيص الممارسة المنهجية في البحث العلمي العربي، وبخاصة في مجالَي التربية وعلم الاجتماع، للإجابة عن التساؤل الرئيسي الآتي: أين تقع دراسات علم الاجتماع المنشورة في الدوريات العربية مقارنة بالدراسات التربوية، وخصوصا من جهة مناهج البحث؟ ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي تساؤلان فرعيان، هما: ما ملامح الممارسة المنهجية السائدة في المقالات المنشورة في الدوريات العربية في مجالَي التربية وعلم الاجتماع؟ ما أوجه الشبه والاختلاف في الممارسة المنهجية في المقالات المنشورة في الدوريات العربية بين مجالي التربية وعلم الاجتماع؟ ولتحقيق الإجابة عن تساؤلات الدراسة، فقد اعتمد على نوعين من البيانات: بيانات ثانوية في تحليل مقالات علم التربية، وبالتحديد مراجعة وإعادة قراءة خمس دراسات أنتجت حديثا حول خمسة موضوعات في علم التربية حلّل فيها 589 مقالا تربويا منشورا في الدوريات العربية، للوصول إلى نتائج تتعلق بالممارسة المنهجية المتبعة في المقالات التربوية؛ وبيانات أولية، في مجال مقالات علم الاجتماع. تم جمعها من دوريات علم الاجتماع العربية .كشف تحليل بيانات مقالات علم الاجتماع عن نتائج جوهرية عن واقع الممارسة المنهجية في البحث العلمي في مجال علم الاجتماع، وتكشف مقارنة هذه النتائج مع ما انتهت إليه مراجعة المقالات التربوية عن سمات عامة للبحث العلمي، قد تشمل أيضا تخصصات علمية أخرى، على مستوى البلدان العربية. ولعل أول وأهم هذه السمات هو ما يمكن أن يطلق عليه غلبة الطابع الشكلي في البحث العلمي الاجتماعي. فأجزاء المقالة العلمية قد تمثل جزرا منفصلة، على نحو غير مترابط، بداية من صياغة المشكلة البحثية التي تتم بمعزل عن أي سياق واقعي أو علمي، وعرض التوجهات النظرية على نحو لا يضيف إلى صياغة المشكلة أو مناقشة النتائج؛ وأيضا الطرق المتبعة في مراجعة التراث البحثي، بأسلوب سردي لملخصات منفصلة، يمثل عرضا شكليا، مفروضا على الباحث إجراؤه لاستكمال شكل المقالة العلمية؛ ولا يستفاد بنتائج مراجعة التراث البحثي في صياغة المشكلة أو تبرير أهمية الدراسة؛ ويظهر فقط بشكل مجتزأ عند مناقشة نتائج الدراسات بذكر النتيجة التي تم الوصول إليها ومقارنتها بنتائج دراسات سابقة، حتى وإن اتفقت معها، فلا تبرر هذه المقالات جدوى هذه النتيجة التي أكدتها دراسات سابقة، وصولا إلى توظيف المراجعة الأجنبية. ومن النتائج المهمة أيضاً، ضعف الإسهام المعرفي في بحوث علم الاجتماع، وهي نتيجة تتفق أيضاً مع ما انتهت إليه مراجعة المقالات في مجال التربية، فيغلب على مقالات علم الاجتماع النماذج المنهجية التي تتبع النموذج التجريبي المجرد. (شمعة)